قال رحمه الله: [العرش في اللغة: عبارة عن السرير الذي لِلمَلك كما قال تعالى عن بلقيس : ((وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ))[النمل:23] وليس هو فلكاً] فظاهر النصوص لا تدل على أن العرش فلك مستدير، ثم يستدل من جهة اللغة فيقول: [العرش في اللغة: عبارة عن السرير الذي هو لِلمَلِك]، أو هو سرير المُلْك، فإذا قيل: جلس فلان على عرش المملكة، فهذا يفهم منه أنه تولى الملك، وبعض الدول يحتفلون بعيد يسمى عيد العرش أو عيد الجلوس، أي: عيد تولي الملك للحكم، ويجعلون ذلك عيداً أسوة بالأعياد الجاهلية، وجاء ذلك في القرآن كما قال تعالى عن بلقيس : ((وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ))[النمل:23].
يقول: [وليس هو فلكاً، ولا تفهم منه العرب ذلك] أي: لا تفهم العرب من كلمة العرش أنه فلك، [القرآن إنما نزل بلغة العرب، فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة]، فهو يريد أن يثبت أن ما قالته الفلاسفة باطل، وكذلك أمثالهم الذين يقولون: إنه فلك، أو الذين يقولون: إنه كناية عن سلطان الله وعن قدرة الله وعن سعة ملك الله، وهؤلاء لا يثبتون العلو، فلا يوجد عندهم مخلوق يسمى العرش، فيرد عليهم بما سبق ذكره.
ثم يقول: [وهو كالقبة على العالم] وهذا لم يصح، وما ورد في صفاته يكفينا.
قال: [وهو سقف المخلوقات] أي: أعلاها؛ لأن أعلى شيء في الجنة هو الفردوس، وفوقها أو سقفها عرش الرحمن.